الأربعاء، 19 مارس 2008

هياندافع عن النبى

عذرا رسول الله
لا شكَّ في أنَّ قضية الدفاع عن الرسول عليه الصلاة والسلام هي الشغل الشاغل للأمة في هذه الأيام بعد الهجمة الشرسة من الصحافة والإعلام الغربي عليه صلَّى الله عليه وسلَّم، وخاصة في صحف الدنمارك، وقد يتسائل الكثير: هل هناك خللٌ في حُبِّنا - نحن المسلمين - للرسول صلَّى الله عليه وسلَّم؟
أولا لابد لنا أن نتعلم كيف نحب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ولابد أيضًا أن ندافع عنه.
ويبقى أن نعرف وسائل هذا الدفاع، ولكن قبل أن نعرف هذه الوسائل لابد من الحديث بدايةً عن معرفة من الذي يهاجم الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم، وبالتالي نستطيع أن ندافع عن الرسول صلى الله عليه وسلم بالطريقة السليمة.
وفي تخيلي أن الذين يهاجمون الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم أحد ثلاثة: إمَّا حاقد عليه، أو جاهل به، أو مفتون بحال المسلمين.
Mohammad? who is من محمد
فالناس لا تعرف الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم، وتريد أن تعرفه.
لكن لاشكَّ أن هناك طائفةً من الحاقدين تهاجم الرسول صلى الله عليه وسلم عن علم، وهذه الطائفة موجودة منذ بُعِثَ الرسول صلى الله عليه وسلم "وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ"(الزخرف:6،7) فهي سُنة إلهية، وكانت هذه الطائفة موجودة دائمًا، ولكن عند مراجعة أسماء هؤلاء المستهزئين في فترة مكة من عبدة الأصنام أو الوثنين تجد أنهم كانوا يمثلون بالإحصاء عددً قليلاً من المشركين في مكة أو في الجزيرة العربية بصفة عامة، ويأتي على رأس أكابر المجرمين هؤلاء كما سماهم ربنا في كتابه: أبو جهل، والوليد بن المغيرة، وعقبة بن أبي معيط، والنضر بن الحارث.
لكن عموم الناس ما كانت تتولى الأمر عن رغبة صادقة في محاربة الدعوة الإسلامية ولكنها كانت تتبع أمراءها من القادة والشعراء، وهذا هو الحال في زماننا.
لو سألت في الشارع الغربي عن الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم: ماذا تعرف عنه؟
لعلَّ أقلَّ القليل هو من يجيب عن هذا السؤال، وقد لا تتجاوز الإجابة السطر أو السطرين، وهذا السطر أو السطرين لعله يكون مغلوطًا في المعنى أو في الفهم؛ فلذلك أرى أن هذه الطائفة - طائفة الجاهلين - كبيرة.
وكذلك هناك طائفة ثالثة من الذين يهاجمون الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم هي طائفة المفتونين بحال المسلمين وبتخلف المسلمين، هؤلاء هم الذين ينظرون إلى حال المسلمين، ويقولون: لو كان الإسلام دينًا صحيحًا، ولو كان محمد (صلَّى الله عليه وسلَّم) قائدًا حكيمًا لهذه الجموع الضخمة من البشر لكنَّا قد وجدناهم ينتجون ويبرعون ويتفوقون في مجالات الحياة المختلفة، أمَّا أن يكون غالب أتباع هذا الرجل من المتخلفين، والأميين، والمتراجعين حضاريًا، والمهزومين عسكريًا واقتصاديًا وعلميًا في كل المجالات فهذا يعني – عند هؤلاء المفتونين – أن هذا الدين غير صحيح.
إنه من المؤسف أنه حتى المجالات الأخلاقية نجد انهيارًا واضحًا في الدول الإسلامية فيها؛ فعلى سبيل المثال تقارير الشفافية - التي تُبْنى على حساب درجات الرشوة والفساد المالي والإداري والمحسوبية والوساطة – تحتل دول العالم الإسلامي فيها مراتب متدنية؛ مما يشير إلى أن أتباع هذا الدين يقعون في أخطاء كثيرة وصلت بهم إلى هذه الحالة المتدنية.. وعندما ينظر أهل أوروبا أو غيرها من دول العالم إلى هذه الحال المتردية التي وصل إليها المسلمون؛ يقولون: إنه من المستحيل أن الدين الذين ينتمون إليه أو القائد الذي يقودهم على خير أو على صلاح؛ فيُفتَنُون بهذه الحال، وبالتالي لا يقرءون عن الإسلام، وإن قرءوا فإنه من السهل أن يتقبلوا المطاعن التي تُذكَر في هذا الدين على ألسنة محركيهم وإعلامييهم وقادتهم وساستهم، وهذا معنى قوله سبحانه وتعالى: "رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ" (يونس: 85)، أن ألا تصل حالنا إلى درجة من التردي تصبح عامل صدٍّ للكافرين عن الدخول في دين الإسلام.
إذا عرفنا الآن أن الذين يهاجمون الإسلام هذه الطوائف الثلاثة الحاقدين والجاهلين والمفتونين لاشك أن طريقة الدفاع عن الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم ستختلف باختلاف الذي يهاجم؛ فالحاقد يعلم الحقيقة وينكرها، ويهاجم عن علم، وفي قلبه حقد وحسد لهذا الدين، وهذا لابد له من وقفة صلبة؛ فيمكن معه طرد السفراء، والمظاهرات العارمة، والمقاطعة الاقتصادية، والملاحقات القضائية في القضاء الدولي، والردود الإعلامية القوية على ما يفعلونه، وإيضاح أن العالم الإسلامي كله واقف وقفة واحدة للدفاع عن هذا الرسول العظيم؛ مما سيلقي الرهبة والرعب في قلوب من يهاجم، وبالتالي يفكِّر كثيرًا بعد ذلك قبل أن يهاجم.
أمَّا الطائفة الثانية، وهي طائفة الجاهلين به؛ فهي لا تحتاج إلى كل هذه الهجمة الإسلامية للدفاع عن الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم، ولكنها تحتاج ببساطة إلى تعليم.. تحتاج إلى أن تعرف ببساطة حقيقة الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم؛ وذلك يستوجب أن نصل إليهم بلغتهم، وفي إعلامهم، وبكل الطرق التي نستطيع أن نصل بها إليهم، وبالوسائل التي يفهمونها، وبالمعلومات المناسبة عن رسولنا صلى الله عليه وسلم، ليعلموا أخلاقه، ويعلموا تواضعه، ويقرءوا ويسمعوا عن عفوه وعدله ورحمته، وعن أنه كان رجلاً شاملاً يقود دولة، ويقود جيوشًا، ويحكم بين الناس بالعدل، ويربي ويقود، ويتعبَّد لله عز وجل خير العبادة ومتفوق ومبدع في كل مجالات الحياة، وما من خُلُق إلا وصل إلى قمته، كل ذلك في آنٍ واحد، وبالتالي أفتح أمام هذه الجموع الهائلة الباب لأن تلتحق بهذا الدين العظيم، وما أكثر الذين التحقوا بهذا الدين بعد ظهور الرسالة، وكانوا أصلاً من الجاهلين بالرسول صلى الله عليه وسلم!! مثل أهل فارس وشمال أفريقيا والأندلس وغيرها من بقاع العالم الكثيرة التي دخلت في الإسلام.
أمّا الطائفة الثالثة فهي طائفة المفتونين بحالة التخلف التي وصل إليها المسلمون؛ فلابد أن يتقدَّم المسلمون في كل المجالات العلمية والاقتصادية والسياسية وقبل ذلك وبعده الأخلاقية؛ حتى يصبحوا خير قدوةٍ لهؤلاء، وخير دعاة لهذا الدين بالعمل وليس بالكلام فقط، وبالتالي ينبهر الغربيون والشرقيون وغير المسلمين بصفة عامة بحال المسلمين المتفوق والمتقدم، وساعتها سيبحثون ويتساءلون:
لماذا تقدم هؤلاء؟
ولماذا يبدع هؤلاء في مجال الأخلاق؟
ولماذا يتراحم هؤلاء؟
ولماذا يتحد هؤلاء؟
ولماذا؟ ولماذا؟ وأسئلة كثيرة عن الأشياء الطيبة التي تبهر الآخرين، وبالتالي يبحثون عن هذا الدين الذي دفعهم إلى هذا الرُّقِي، ويكون هذا سببًا بإذن الله في إسلامهم، أو على الأقل تحييد صفهم، ومنعهم من التعدي على مقدسات المسلمين؛ سواء الرسول صلى الله عليه وسلم أو غيره من المقدسات المختلفة عند الأمة الإسلامية؛ لذلك نستطيع أن ندافع عن الرسول صلى الله عليه وسلم بطريقة منهجية تناسب العدوان الكبير الذي تم.
هذه الأعمال وهذه الجهود الموجهة نحو الحاقدين عليه صلَّى الله عليه وسلَّم، أو الجاهلين به صلَّى الله عليه وسلَّم، أو المفتونين بتخلف المسلمين، ليست جهود يوم أو يومين أو عدَّة شهور، ولكنها مناهج حياة تحتاج أن تُدرَس بعناية من مفكري الأمة وعلماءها وقادتها.. ويوضع بناءً على ذلك برامج كثيرة تشترك فيها الأُمَّة بكبيرها وصغيرها ورجالها ونسائها، وشيوخها وأطفالها، الجاهل منها وطالب العلم، وكل فئات الأمة على حدٍّ سواء، وهذا ليس كثيرًا على قضية مهمة مثل قضية الدفاع عن رسولنا صلَّى الله عليه وسلَّم.

ليست هناك تعليقات: