الاثنين، 28 يوليو 2008

منقول
"هايروحوا من ربنا فين".. صرخة مصريين!!


حكم المحكمة وقع على أهالي الضحايا كالصاعقة "حسبنا الله ونعم الوكيل".. "هايروحوا من ربنا فين"..صرخات مدوية خرجت من حناجر أهالي ضحايا العبارة المصرية الغارقة عام 2006 في عرض البحر الأحمر، إثر صدور الحكم اليوم الأحد ببراءة ممدوح إسماعيل مالك العبارة، والعضو بالحزب الوطني الحاكم. فبمجرد النطق ببراءة إسماعيل وأربعة متهمين آخرين من جانب محكمة سفاجا المطلة على البحر الأحمر من المسئولية عن غرق العبارة مما أودى بحياة أكثر من ألف مصري، بدا أن الجميع لم يصدق آذانه، وتمنى لو صمت آذانه قبل أن يستمع الحكم. ولم تستمر حالة الدهشة والصدمة سوى بضع ثوان إذ تعالت بعدها الصيحات التي تندد بـ"الظلم والطغيان"، و"عدم معاقبة الفاسدين".
طالع أيضا:
دموع وصرخات أهالي ضحايا العبارة المصرية تتجدد

وسقطت عشرات الأمهات الثكالى فاقدة الوعي، ورافضة أن تذهب حياة ذويهم أدراج الرياح رخيصة بلا سعر، حيث وقع حكم المحكمة على الكثيرين منهن كالصاعقة، فامتزجت الدموع بالدعاء والويل والثبور على المسئولين عن تبرئة مالك العبارة، وأخذن يرددن بعلو صوتهن "منهم لله.. منهم لله.. هايروحوا من ربنا فين" و"حسبنا الله ونعم الوكيل".. حتى ذهب صوتهن من كثرة البكاء والصراخ واللطم على الخدود. من بين الأهالي تحدث لإسلام أون لاين نت مع د. محمد عبد الحليم – الذي فقد أسرته بالكامل (الزوجة و4 أولاد ) قائلا: "على عكس الكثيرين لم أفاجأ بحكم البراءة الذي منحته المحكمة للقاتل ممدوح إسماعيل؛ لأننا ببساطة نعيش في مصر". وأضاف ومشاعر الأسى تفيض على قسمات وجهه، "تبرئة المتهمين بمقتل ما يربو عن 1000 روح بشرية، ليس له سوى معنى واحد: أرواح المصريين لا سعر لها". "معظم أهالي الضحايا وأنا منهم - يتابع د. عبد الحليم - رفضنا أي تسوية مع مالك العبارة حيث عرض علينا 300 ألف جنيه على الفرد الواحد، والآن لم يقتص القانون لنا من المذنبين، ولم نحصل على تعويضات، وكأن الحادث لم يقع من الأساس". واستمر صراخ وبكاء الأمهات بضع دقائق داخل وخارج قاعة المحكمة التي توجهوا إليها مع ذويهم لحضور جلسة النطق بالحكم.
"والله حرام"!
إحدى الأمهات التي فقدت اثنين من أولادها ظلت تلطم خديها كمدا في حالة بدت هستيرية بعد سماعها للحكم، وتردد من وقت لآخر: "والله حرام اللي بيحصل فينا ده، يعنى ولادي راحوا هدر، منهم لله.. منهم لله، زي ما بهدلونا بقالنا سنتين وفي الآخر.. كلهم أخدوا براءة".وحرص ذوو ضحايا العبارة على حضور جميع جلسات المحاكمة تقريبا، والتي بلغت 21 جلسة على مدى نحو عامين. وفي أعقاب الحكم كشف جورج إسحاق عضو اللجنة التنسيقية للحركة المصرية للتغيير (كفاية) لـ"إسلام أون لاين" أنه "بدأت اتصالات مكثفة بين القوى الشعبية لتشكيل ائتلاف يجمع مختلف القوى السياسية بمشاركة بعض المنظمات الحقوقية لرفع دعوى قضائية جديدة لفتح باب التحقيق من جديد في واقعة غرق العبارة ليأخذ كل ذي حق حقه". وأشار إلى أن "القضاء سبق أن برأ في أبريل الماضي عضو أمانة السياسات بالحزب الحاكم (هاني سرور) صاحب قضية هايدلينا (أكياس الدم الفاسدة)"، واعتبر أن "هناك مؤشرات قوية على دعم النظام للفاسدين". ولفت النظر إلى إمكانية أن يعود ممدوح إسماعيل إلى مصر، فهو في نظر القانون – بريء – ولنا أن نتخيل إحساس أسر الضحايا بأن المتسبب في مقتل ذويهم حر ويعيش بجوارهم.. وليحيا العدل!". وغادر ممدوح إسماعيل مصر إلى بريطانيا قبل قليل من بدء محاكمته دون ممانعة من السلطات، رغم مطالبة محامي أسر الضحايا بمنعه من السفر.ومتفقا مع إسحاق، رأى جمال عيد المحامي، ومدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان أن النظام المصري الآن لا يعاقب سوى "السياسيين والمطالبين بالإصلاح فقط، فقرارات الاعتقال جاهزة لهم في أي وقت". وأضاف: "أما الفاسدون فهنيئا لهم بفسادهم؛ لأنه لا يجرؤ أحد مهما كان وضعه أو اختصاصاته على الاقتراب منهم".
أدلة وشهاداتوبرأ حكم محكمة جنح سفاجا برئاسة المستشار أحمد رفعت النجار جميع المتهمين في قضية العبارة "السلام 98"، باستثناء صلاح جمعة قبطان عبارة أخرى (سانت كاترين)، حيث قضت بحبسه ستة أشهر وكفالة 10 آلاف جنيه، حيث اتهم بالتقاعس عن التوجه لمكان غرق العبارة لإنقاذ الضحايا.وجاء الحكم في أعقاب العديد من الجلسات التي استمعت خلالها المحكمة لشهادات مسئولين تنفيذيين وبرلمانيين، بينهم قيادات بوزارة النقل، ووزارات أخرى، إضافة لهيئتي "النقل البحري" و"مواني البحر الأحمر"، إلى جانب رئيس لجنة تقصي الحقائق البرلمانية التي شكلها مجلس الشعب (غرفة البرلمان الأولى). وأكدت هذه الشهادات في مجملها بجانب تقرير لجنة تقصي الحقائق أن العبارة - حين غرقت وكانت قادمة من السعودية إلى مصر عبر البحر الأحمر - كانت تحمل أكثر من ضعف عدد الركاب الذي تسمح به سعتها‏.كما خلصت إلى أن قوارب النجاة كانت منتهية الصلاحية، رغم وجود شهادات صلاحية ملصقة عليها‏,‏ كما أن أسطوانات مقاومة الحريق خالية‏,‏ وأجهزة الإطفاء المائي للماكينات غير موجودة، كما أكدت تسجيلات الصندوق الأسود للعبارة أن بالوعات صرف المياه أسفل العبارة كانت مسدودة‏,‏ وأن جراج العبارة كان به براميل زيت ومواد بترولية كانت سببا في تأجيج النيران‏.‏وكان الحادث قد تسبب في غرق نحو 1074 شخصا في البحر الأحمر كما أصيب 377 آخرون خلال رحلتها من ميناء ضبا السعودي إلى ميناء سفاجا في فبراير 2006.
حكم "مجحف"من جهته قال محمد هاشم عضو هيئة الدفاع عن ضحايا العبارة في تصريحات خاصة لـ "إسلام أون لاين أن هيئة الدفاع تقدمت باستئناف للحكم "المجحف في الشق المدني".كما أكد أن "النائب العام قرر أيضا الاستئناف في الشق الجنائي بعد ساعات قليلة من صدور الحكم"، مقدرا أن "للمحكمة بعض المبررات – المردود عليها – لتأييد حكمها على الرغم من طلب النيابة العامة بتوقيع أقصى عقوبة على المتهمين الذين أهملوا وتقاعسوا عن تقديم العون والمساعدة والإغاثة للمجني عليهم، وتركوهم يصارعون الموت داخل المياه".وأضاف: أنا واثق من قبول الاستئناف في شقيه المدني والجنائي؛ لأن الأدلة التي تم تقديمها للمحكمة لا تقبل التشكيك بأي حال من الأحوال، ولن يهدأ للأهالي بال حتى يروا قاتل أولادهم خلف القضبان".من جهته، قلل أحد محاميي ممدوح إسماعيل من ثورة الأهالي، واعتبر أن حوادث غرق العبارات "عادية، وتحدث من وقت لآخر في كل مكان في العالم"، مستشهدا بواقعة غرق عبارة مؤخرا في سواحل الفلبين.يذكر أن ممدوح إسماعيل يعد واحدا من أثرى أثرياء مصر، ويملك شركة متخصصة في صناعة السياحة وخدمات السفن، وهى من كبرى شركات السفن في مصر والشرق الأوسط، ومراكبه تقل نحو مليون مسافر في العام.أما أنشطة الشركة فهي إدارة 15 سفينة لنقل الركاب، والقيام بأعمال التأمين التجاري، والعمل كوكيل في الميناء وإدارة الأعمال الفنية، وإنجاز الأعمال المرورية البحرية من دخول ومغادرة من خلال أجهزة متخصصة.وإسماعيل هو عضو معين في مجلس الشورى (غرفة البرلمان الثانية) من الرئيس مبارك، وأمين للحزب الوطني الحاكم بضاحية مصر الجديدة الراقية، شمال القاهرة.

ليست هناك تعليقات: