الثلاثاء، 6 يناير 2009

المذبحه ومبارك

المذبحــــــــــــه ومبـــــــــــــارك

الرئيس حسني مبارك مثار اختلاف وجدل واسع هذه الأيام بمناسبة الاعتداء الإجرامي على غزة والذي بدأ بعد ساعات من لقاء مبارك ــ ليفني الذي استضافته القاهرة والذي يرى البعض أن هذا اللقاء بين مبارك وليفني تضمن ضوء أخضر من مبارك لبدء المجزرة أو على الأقل وكما يقول البعض فإن اللقاء لم يتضمن من مبارك ما يمنع حدوث الاعتداء ولو أراد مبارك لمنع حدوث المجزرة . . آخرين يرون أن مبارك في موقف ضعيف جدا فهو إما مؤيد للمجزرة وهذه جريمة بكل المقاييس وإما أنه غير موافق ولكنه لا يستطيع منع إسرائيل من ممارسة جريمتها وهذه حالة ضعف وهوان وتردي وصل إليها الرئيس عبر مراحل متتابعة من التعاون مع أمريكا وإسرائيل ضد كل ثوابتنا الدينية والقومية .

أترك جميع هذه الجوانب لأصل إلى الوضع الحالي وهو أن المجزرة قائمة والأرواح تزهق والدماء تسيل ووسط كل هذه المآسي سمعت اليوم من يقول إن مبارك رجل عسكري مارس الحروب ويعرف تبعاتها ولذلك فهو يتصرف دائما بحكمة . . . هذا الكلام يبدو للوهلة الأولى كلام منطقي ، ولكن بعد التفكير أقول : هل لا يوجد أمام مبارك أي خيارات سوى الحرب ؟ مبارك لو أراد منع وقوع المجزرة لمنعها ولو أراد وقفها الآن لاستطاع بدون أن تمس مصر وبدون الدخول في حروب أو مشاكل ، وأنا شخصيا أزعم أن مبارك قادر على أفعال توقف المجزرة ولكنه لا يفعل والأسباب يعرفها هو ولا أخوض فيها حتى لا يتشعب الموضوع .
ما الدليل على ذلك ؟ أقول لك بعض الأفعال التي يمكنه القيام بها ولكنه لم يفعلها لأسباب تخصه ولكن يدعي منافقيه أنه يمنع دخولنا في حرب ! من بين هذه الأفعال والقارئ الكريم هو الحكم :

من خلال سيطرة مبارك وحزب الحكومة على مجلس الشعب ، ينعقد المجلس ويتم مناقشة الاعتداء الإسرائيلي على غزة وبعد الكلمات يتم التصويت على مجموعة من التوصيات يرفعها المجلس للرئيس ( توصيات ) بأن تمتنع الحكومة المصرية عن عقد صفقات تجارية مستقبلية مع إسرائيل لحين إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي التي احتلت عام 1967 ويوصي المجلس الحكومة بدراسة الاتفاقيات القائمة لبحث إمكانية إلغائها أو عدم تجديدها ويعتبر المجلس أن تواجد الإسرائيليين في سيناء لمدة أسبوعين بدون تأشيرة دخول حسب اتفاقية السلام هو أمر ينتقص من السيادة المصرية ويوصي مجلس الشعب وزير الخارجية ببحث هذا البند مع الجانب الإسرائيلي لإلغائه أو تعديله ، والمجلس يحمل الجانب الإسرائيلي مسؤولية الأحداث على الحدود المصرية الفلسطينية خاصة مع عدم التزام إسرائيل بتعميم التهدئة على الضفة وعدم التزامها باستمرارية فتح المعبر خلال التهدئة السابقة لتأمين حاجات القطاع ويرى المجلس أن المقاومة حق مشروع وأن المشكلة سببها الاحتلال وليست المقاومة التي كفلتها المواثيق الدولية لجميع الشعوب التي احتلت أراضيها . . .
هل ترى أن ذلك صعب أو أنه حرب لا نقدر عليها ؟ إننا لو فعلنا ذلك لكان تحرك شعبي قوي ضاغط على إسرائيل وستتفاعل معه المنطقة وسيؤدي إلى نتائج إيجابية . . . هذا لو كان مبارك يريد وقف المذبحة .

ألا تستطيع الخارجية المصرية بتعليمات وحسب توجيهات السيد الرئيس أن تخفض البعثة المصرية في إسرائيل وأن تخفض مستوى التمثيل في بعض التخصصات مع تصريحات وأحاديث صحفية وكتابات حكومية في صحف الحكومة بأن المقاومة لا تجيز الاعتداء الوحشي وأن المجزرة القائمة تنتهك جميع المواثيق الدولية وتعرض السلام للخطر مع تسريب أخبار مفادها أن الخارجية المصرية تدرس جميع الاتفاقيات السابقة مع إسرائيل

أين الحرب في ذلك ؟ هل العالم لا يعرف إلا الحرب ؟ أين مجال الضغوط الشعبية والدبلوماسية ؟ أين التلويح وتسريب المعلومات ومقالات الصحفيين المحسوبين على الحكومة حول التلميح بتغيير سيحدث في مصر بخصوص التعاون الاقتصادي الزراعي التجاري مع إسرائيل ؟
بعد عرض هذه النماذج من الوسائل المتاحة بدون حرب ، هل يمكن أن يكون مبارك برئ من الاتهام بالمشاركة في المذبحة أو الموافقة عليها ؟ لقد رأينا أمننا المصري يعتقل خمسين مصري قادمين من الفيوم للمشاركة في مظاهرة تأييد لغزة في القاهرة ! هل ستحاربنا إسرائيل إذا أفسحنا المجال لمظاهرة حاشدة في القاهرة ؟ لماذا التضييق على المظاهرات والمسيرات الشعبية مع أنها لمن حسنت نيته تكون هذه الضغوط الشعبية وسيلة له لمطالبة الطرف الصهيوني بإنهاء المجزرة على أساس أنه يتعرض لمشكلات وضغوط داخلية بسبب الاعتداء الوحشي .

أخيرا . . لو تحركت القاهرة لتغيرت الأحداث ولكنه الرئيس حسني مبارك والأسباب عنده لأنه لم يبذل المساعي الدبلوماسية ولا الضغوط الشعبية من خلال مجلس الشعب ولن ننسى أن أمن مبارك قبل ذلك قد منع قوافل الإغاثة أن تتحرك من القاهرة ، والسجون بها مئات المعتقلين الذين نشطوا قبل الأحداث في تجميع مساعدات لغزة المحاصرة منذ أكثر من سنة ونصف . هل نحن مازلنا نعيش في مصر الريادة ، أم أصبحنا من أبناء بوركينا فاسو ؟

ليست هناك تعليقات: